السرد القصصي في التسويق ليس أسلوب جذاب فقط؛ بل هو فن يستغل قوة القصص لإقامة اتصال عميق مع الجمهور لأنه يجمع بين الإبداع والتأثير.
وأثبتت الأبحاث العلمية امتلاك القصص قدرة فريدة على ترسيخ المعلومات في أذهاننا، ووفقًا لدراسات نفسية واسعة النطاق، فإننا نتذكر الحقائق والأرقام أفضل عندما تغلَّف في قالب سردي جذاب.
ويوفر لك تحليل قصص النجاح في مجال عملك رؤى حول ما يشد انتباه العملاء وكيف يمكنك صياغة قصتك الخاصة بطريقة تجذبهم وتلهمهم.
دعونا نستكشف مفهوم السرد القصصي في التسويق بشكل أعمق، وكيف تختلف هذه الطريقة عن الطرق التقليدية في الترويج.
فهرس المقال
خطوات استخدام السرد القصصي في التسويق
مفهوم السرد القصصي هو فن استخدام الكلمات لبناء عوالم خيالية تجذب الانتباه وتثير المشاعر، ولا تقتصر على الترفيه، بل تؤثر بعمق في قرارات المستهلكين وتشجعهم على اتخاذ إجراءات محددة.
وتتطلب عملية السرد القصصي منهجية واضحة، والتي تساعد الشركات على تحديد نقطة البداية، وتطوير رؤيتهم، وإتقان فن السرد القصصي.
وتُعد هذه العملية مهمة لأن الشركات تمتلك كم هائل من المعلومات والبيانات التي تحتاج إلى ترجمتها إلى قصص مؤثرة وموجزة، ويساعد السرد على تنظيم هذه المعلومات وتحديد الاتجاه الصحيح.
وفيما يلي، سنتعرف على مراحل السرد القصصي في التسويق من بداية تحديد الجمهور وحتى مرحلة الترويج:
1. تحديد جمهورك
إذا لم تفهم جمهورك فلن تستطيع بناء قصة تسويقية تلبي احتياجاته ورغباته، لذلك عليك أولاً أن تفهم جيدًا لمن توجه رسالتك، ومن تتمنى أن يصل إليه صوتك؛ اهتماماته، وتحدياته، وأحلامه، ترشدك هذه المعلومات إلى استهداف الجمهور الدقيق.
يمكنك البدء بإجراء أبحاث سوقية شاملة، وتحليل بيانات العملاء، وإجراء مقابلات شخصية مع أفراد من جمهورك المستهدف.
والتي تساعدك على رسم صورة واضحة لشخصيتك المستهدفة، وبالتالي بناء قصة تتحدث إلى قلبه وعقله.
2. تحديد رسالتك
حدد الهدف النهائي من قصتك التسويقية؛ إذا كان إقناع العملاء بشراء منتج معين، أو بناء علاقة قوية مع جمهورك، أو تغيير سلوك المستهلكين.
السرد القصصي في التسويق هو أداة قوية لتحقيق هذه الأهداف، ولكن يجب أن تكون لديك رؤية واضحة لما تريد تحقيقه، لذلك حدد رسالتك الأساسية بوضوح، فهي الخيط الذي يربط كل عناصر قصتك معًا.
3. اختيار نوع القصة
تُصنف القصص التي نسردها إلى عدة أنواع، ولكل نوع هدف معين وطريقة تأثير مختلفة على الجمهور، وإليك بعض الأنواع الشائعة مع شرح مبسط لأهدافها:
1. قصص الحث على العمل
تهدف إلى تحفيز القراء على اتخاذ إجراء معين، وتتضمن مشاركة قصص نجاح سابقة لشرح كيفية تحقيق نتائج مماثلة، والتركيز على الإجراءات الملموسة وتجنب المبالغات.
2. قصص السرد الشخصي
تبني علاقة قوية مع الجمهور من خلال المصداقية والشفافية، إذ يمكنك مشاركة التجارب الشخصية والصراعات والانتصارات، والذي يخلق ارتباط عاطفي مع القراء ويعكس القيم الحقيقية للعلامة التجارية.
3. قصص نقل القيم
توصل هذه القصص رسائل وقيم مهمة للجمهور، وذلك باستخدام القصص والشخصيات والمواقف المعروفة لربط القيم بحياتهم اليومية، وبالتالي تعزيز صورة العلامة التجارية كمسؤولة ومدركة للقضايا الاجتماعية.
4. قصص تعزيز المجتمع
تبني هذه القصص مجتمع حول العلامة التجارية وتشجع التفاعل بين الأفراد، من خلال سرد قصص تثير الحوار والمشاركة وتشجع الشعور بالانتماء، وبالتالي زيادة الوعي وتعزيز الولاء لدى العملاء.
5. قصص نقل المعرفة
تهدف إلى تزويد الجمهور بالمعلومات والمعرفة لحل مشكلاتهم باستخدام المحتوى التعليمي، مثل: المدونات ومقاطع الفيديو لشرح المفاهيم المعقدة، وبذلك تجذب جمهور جديد يبحث عن حلول لمشاكله وتقدم قيمة مضافة للعملاء.
4. الدعوة إلى العمل
بعد أن تبني قصتك وتحدد رسالتها الأساسية، يأتي دور تحديد الهدف الذي تسعى لتحقيقه من خلال هذه القصة.
حدد الإجراء الذي ترغب في أن يقوم به جمهورك بعد قراءة قصتك؛ إذا كان شراء منتج معين، أو التسجيل في نشرة إخبارية، أو التفاعل مع منشورك على وسائل التواصل الاجتماعي.
إذن، السرد القصصي في التسويق ليس مجرد سرد للأحداث، بل هو أداة لتحفيز الجمهور على اتخاذ إجراءات محددة، لذلك يجب أن تكون دعوتك واضحة ومباشرة، وإليك أنواع التسويق الرقمي.
5. اختيار الوسيلة المناسبة للسرد
تتنوع طرق السرد القصصي في التسويق وتعتمد على عدة عوامل منها طبيعة القصة والموارد المتاحة، وإليك أهم الوسائل المتاحة:
1. السرد بالكتابة
هي الطريقة التقليدية والأكثر شيوعًا، ويمكن أن تأخذ شكل مقالات، أو مدونات، أو كتب، أو أي محتوى نصي، وتتميز بسهولة الإعداد والتوزيع بتكلفة منخفضة.
2. طريقة التحدث
هي طريقة حية تتطلب التفاعل المباشر مع الجمهور، ويمكن أن تكون في شكل عروض تقديمية، أو محاضرات، أو حوارات، ولكن تحتاج إلى مهارات عالية في التحدث والإقناع.
3. السرد الصوتي
هي طريقة مبتكرة في السرد القصصي في التسويق تعتمد على تسجيل الصوت، وتكون في شكل بودكاست أو تسجيلات صوتية، وتتيح للجمهور الاستماع إلى القصة في أي وقت ومكان.
4. السرد القصصي الرقمي
هي الطريقة الأكثر تفاعلية ومرونة، وتأخذ أشكال متنوعة، مثل: الفيديو، والرسوم المتحركة، والألعاب، وغيرها، ولكن تتطلب مهارات تقنية وإمكانيات إنتاجية أعلى.
6. التخطيط الجيد
حدد الجوهر الذي ترغب في إيصاله، والشعور الذي ترغب في إثارته، والأهداف التي تسعى لتحقيقها من خلال هذه الخطة التسويقية.
ثم انتقل إلى مرحلة بناء هيكل القصة من نقطة البداية إلى نقطة وصول محددة، تساهم كل مرحلة من هذه الرحلة في دفع القصة نحو هدفها النهائي.
ويمكنك استخدام أدوات، مثل: لوحات القصص أو العروض التقديمية المرئية لتصور هذه الرحلة بوضوح أكثر.
استخدم لغة بليغة وصور قوية لإنشاء عالم قصصي يجذب جمهورك ويجعلهم يشعرون بالارتباط بعلامتك التجارية، ومع ذلك لا تنس ربط كل عنصر في قصتك مباشرةً بأهدافك التسويقية.
7. ابدأ الكتابة
بالنسبة للكثيرين، هذه هي اللحظة الأهم في السرد القصصي في التسويق والتي يشتعل فيها الشغف الإبداعي، فحان الوقت لتحويل أفكارك ورؤيتك إلى كلمات حية على الورق.
ابحث عن مصادر الإلهام من حولك، مثل: القصص الواقعية، أو الأعمال الفنية، أو التجارب الشخصي، أو اقتباس ملهم لكاتب آخر يشعل شرارة الإبداع في داخلك.
ولا تشعر بأنك مضطر للبدء من البداية، إذ يمكنك البدء بكتابة المشهد الذي يثير اهتمامك أكثر، أو الشخصية التي تشعر بالارتباط بها، كما لا تتوقع أن تكون مسودتك الأولى مثالية واستمتع بالتعديل والتحسين.
8. نشر قصتك والترويج لها
إن إنشاء قصة جذابة هو الخطوة الأولى السرد القصصي في التسويق ولكن، نشرها والترويج لها هو ما يجعلها تصل إلى الجمهور المستهدف، وهذه أهم القنوات التي يمكنك استخدامها لنشر قصتك:
- البريد الإلكتروني كجزء من نشرة إخبارية أو كرسالة مستقلة، ويحقق عائد مرتفع على الاستثمار
- وسائل التواصل الاجتماعي، مثل: فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، ويمكنك استخدام الإعلانات المدفوعة لزيادة انتشار قصتك.
- استخدام مدونتك الخاصة أو مدونات أخرى كضيف، ويمكنك أيضاً نشرها على منصات، مثل: ميديم.
- تسجيل قصتك بصورة صوتية أو مرئية ونشرها على مختلف المنصات.
الخلاصة
لا يكفي اليوم أن تقدم منتج أو خدمة مميزة في عالم يعج بالخيارات، إذ يحتاج المستهلكون إلى أكثر من مجرد مواصفات وميزات؛ إنهم يبحثون عن قصة وسبب يدفعهم لاختيارك أنت على غيرك.
ويأتي هنا دور السرد القصصي في التسويق والذي يلمس قلوب عملائك ويبني علاقة قوية معهم.
كما يشعرهم بأنهم جزء من شيء أكبر وأن منتجك ليس صفقة تجارية فقط، بل هو حل لمشكلة أو تحقيق لحلم، فالمستهلكون لا يشترون المنتجات، إنما يشترون القصص التي تقف وراءها.
لا تعليق